حرية الاختيار وحقوق الانسان

hrday_bornfree_ar-1

حرية الاختيار وحقوق الانسان

وديع الاسمر – أمين عام المركز اللبناني لحقوق الانسان –

قد يبدو الكلام عن حقوق الانسان وخاصة الفردية منها في مجتماعتنا العربية اليوم ترف امام التحديات الجسيمة التي نواجهها. كأنه كتب لنا ان نختار دائما بين السيء والاسواء بحجة المخاطر الوجودي

حقوق الانسان منظومة كاملة لاتحتمل التجزأة، وحالة منطقتنا التي يرثى لها لما كانت بهذا الشكل لو اننا واجهنا التحديات التي تعترض طريق الحريات بدل التهرب منها بحجة الاولويات وما شابه

اليوم نعيش في مجتمع تتقهقر فيه الحريات الفردية الواحدوة تلوى الاخرى كأننا في سباق مجنون نحو الهاوية. لن اعدد الحريات التي خسرناها منذ سنين قليلة كي لا ازيد الاحباط احباطا

الى متى سنقف مكتوفي الايدي امام سلبنا حقنا باختيار الحياة التي نريد؟

الى متى سنقف مكتوفي الايدي امام حرمان البعض منا حقه بحياة كريمة؟

الى متى سنقف مكتوفي الايدي امام من يقرر عنا من يحق له اعطاء الجنسية ومن لايحق لها؟

الى متى سنقف مكتوفي الايدي امام من يختار لنا كيف ومع من نستطيع الزواج؟

الى متى سنقف مكتوفي الايدي امام من يريد ان يعيدنا الى عصور ما قبل الحداثة؟

اللائحة طويلة للاسف وكانني اصرخ في بئر لاقعر لها، فحتى صدى صراخنا يضيع ولا يعود

حرية الاختيار ليست ترفا نمنن به، انها اساس الحريات، من دونها لامعنى لاية حرية، لذلك لايمكن لاي شخص أن يدعي الدفاع عن حقوق الانسان والعمل لمجتمع افضل اذا لم يكن بامكانه القبولبحرية الاختيار للاخرين

 هذه الحرية لا تعتني أن يختار الاخر ما يتوافق مع تصوري للمجتمع، انما ان يختار الاخر ما يجده هو مناسبا لحياته التى يود

فلا يمكن ان يدعي الشخص الدفاع عن حقوق الانسان وان يرفض حق المرأة اعطاء الجنسية لأولاده، أن يرفض حق العمال الاجانب بأحترام حقوقهم في لبنان، أن يرفض للاخر حرية اختيار توجهه الجنسي أو أن يرفض حق الاخر بالاختلاف الديني

منظومة حقوق الانسان متكاملة وعالمية، فهي ليست لائحة طعام ننتقي مايريحنا من داخلها، فتكاملها وتخطيها للعوائق الاثنية والعرقية والدينية والجندرية هي وحدها الكفيلة لان نتخطى التحديات وان نقف بوجه أولئك الذين يريدون اعادتنا الى عصور ما قبل الحداثة وأن نتجه بمجتمعنا الى الامام نحو مجتمع يتقبل الاخر كما هو فعلا لا كما يريده ان يكون