من أنا؟

WhatsApp-Image-2023-11-25-at-10.40.52

من أنا؟

في زمنٍ أصبح فيه العالم “قنبلة موقوتة” والناس دمى يحرّكها مفتاح تديره يدٌ بخمس امتدادات: العنصرية، التمييز، العدائية، الرفض والنبذ؛ ليس آدمياً أن تكون بخير حين وسط كل هذا الدمار وتحت كل هذا الركام لا أحد بخير

ماذا جال في خيالك حين قرأَت عيناك كلمتَي “الدمار” و”الركام” ؟

أهي بعض الأجساد التي هناك تتألّم من هول كارثة أو حرب؟

ألا تعلم يا عزيزي أنّ بعض الخراب والرّدم يعني روحاً تستغيث من هول الكراهية والأحكام المسبقة منها واللاحقة والتعصّب الدّيني والاجتماعي والعائلي والفردي؟

والسؤال: ما هو خطئي؟

إعلم إذاً أنني مذ وجدتُ وأنا أصارع الحياة كي أعيش كما أنا، من أنا؟

أنا الذي ولدته أمه طفلاً حبيباً، محبوباً، جميلاً، ملاكاً ناصعاً كالمرايا التي تعكسُ شعاعاً صغيراً لا يريدُ سوى أن يضيء في كونٍ لم يُخلق سوى كي يطفئه…

أنا الذي صرتُ ولداً ناشطاً ونشيطاً، يتطلّع إلى عالم الكبار بعينين تبرقان أملاً بمستقبل أفضل وكبرت…

أنا اليوم في حاضرٍ كان في الماضي “المستقبل”، ولم أجده الأفضل، لماذا؟

إسمع

هل تسمع؟

منذ اليوم، لن آبه برأي لا يمثّلني، لن أصغِ إلى كلمة واحدة قد تجرحني، ولن أقف عند أي موقفٍ قد يدينني…

“مثلي” مثلك يا عالم اخترت أن أنتمي إليه وإن أراد أن يبعدني بكل ما أوتي من قوة الازدراء والتنمّر والانحطاط، لكنّه لن ينجح…

“أنا الذي أثابر بكلّ ما أعطيت من مواهب عظيمة “تشدّني إلى الأمام: إنني الرسّام والممثّل والمبدع والعبقري والمفكّر والعالِم والفيلسوف والأستاذ!

كيف لكَ بعد الآن أن ترى فقط قشوري الزائلة وتنتقدَ اختياري الذي لا يعنيك وترذل رأيي الذي لا يؤذيك؟

إنّ كلّ ما أحلم به معك هو أن تكون زميلي ورفيقي وصديقي والقريب الذي يعيرني كتفه حين أريد البكاء وقلبه حين أودّ المشاركة وعينيه كي يراني بحبّ…

يا صاحبي، إنّني في اللّه أحبّك،واللّهُ واحد، كيف لك أن تجزّئه ثمّ تضعه في قالب يشبهك وأنت الذي خلقك اللّه كي تشبهه؟

قالبٌ سخّر الدّين للتشدّد والتّحجّر والجمود…

من قال لك أنّ الدّين قد جعل منك موظّفه والناطق باسمه وممثّله الرسمي أينما حللت؟

إنّه اللّه يا أخي: محبّة وجمال وسلام ولقاء…

“أحببني كنفسك”…

هو كل ما أريد من معركة الحريات التي لا حياد فيها، إمّا أن تكون أو لا تكون وقد اخترت أن أكون، فماذا عنك؟ من أنا؟ إنني أنا وأنتَ، من أنت؟

أنا أنت وأنت أنا، هكذا كنا وكذلك سنكون…

أَنزِل إذاً عن أكتافك أحمالاً ترهقك وحدك، أكياساً ثقيلة تحتوي مجتمعاً جامداً وعقولاً قديمة وقلوباً باردة وأحاسيس مشروطة وانتقادات لاذعة ووجوهاً زائفة وأفكاراً لا تبغي سوى أن تعالجني كي تصحّحني، ومن قال لك إنّي مريض؟ ومن قال أنك إلى هذا القدْر صحيح يا حبيبي كي تجعل من نفسك طبيبي؟

أنظر في عينيَّ، أتنظر؟

حسناً، قل إذاً شيئاً جميلاً أو أصمت إلى الأبد… وقل “لمن يدّعي في العلم” والدّين والفلسفةِ فلسفةً: “حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء